السعادة من الأمور النسبية، فما يشعرك بالسعادة ليس بالضرورة أن يشعر الآخرين بالسعادة، كما أنّ ما يشعرك بالسعادة اليوم يختلف عما يشعرك بالسعادة غداً..
لكن السعادة تبقى سعادة، فما هي السعادة؟البعض يرى بأن السعادة هي شعور بالبهجة في لحظة ما، آخرون يعرفونها بأنها الوصول لمرحلة تحقيق أمنية أو تلبية رغبة، فالسعادة بنظرهم هي أمنية بحد ذاتها.. إلا أن الحقيقة تأتي مع التعريف وفق علم النفس البشري وتقول بأن السعادة هي نتاج الشعور أو الوصول لدرجة رضا الفرد عن حياته أو جودة حياته أو لحظته..
السؤال المهم هنا: هل تشعر بالسعادة؟بالنسبة لي أحب أن أقسم السعادة لنوعين بحسب مصدرهما ومسبباتها، الأول هو السعادة الخارجية والثاني هو السعادة الداخلية.
السعادة الخارجية مرتبطة بمقدار ما يقدمه الآخرين لنا وما يتناسب مع توقعاتنا وأمنياتنا منهم، وينطبق الأمر أيضاً على الأماكن واللحظات في الحياة الخاصة أو العامة، ومثلاً، أنا سأصبح سعيد إن حققت إنجازاً ما على الصعيد العملي وحصلت على المكافأة والترقية بعد تعب وحصلت على مبلغ من المال، أو إذا قدم لي صديق هدية ، وأيضاً نجاح طفلي في المدرسة، كلمة جميلة من زوجي أو زوجتي، أخي او أختي، فوز فريق أحبه.. هذه كلها يمكن أن نطلق عليها الأسباب الخارجية..
النوع الثاني هو السعادة الداخلية، أو مقدار الرضى الداخلي عن مختلف الأمور التي تمر بحياتنا وربما التي تطرأ عليها، وهذه هي السعادة الحقيقية، والسعادة التي فيها ديمومة، وهي ما أود الحديث عنه..
لقد تأكدت من حقيقة أحببت أن أشارك الجميع بها، السعادة الداخلية نحن من تصنعها، أما سعادتنا الخارجية فنحن نساهم بصناعتها مع الآخرين..
كيف نصنع سعادتنا؟ وهل نحن قادرين على أن نصنع السعادة..هناك جملة من الحقائق حول السعادة التي أود ذكرها لإثبات نظرية أننا قادرين على صنع السعادة مهما كانت ظروفنا، من هذه الحقائق ما هو نفي لحقائق مغلوطة، ومنها ما هو ناتج عن إحصائيات، هذه الحقائق مهمة لنا لنصل لمرحلة معرفة أهمية الرضى الذاتي وبالتالي تحقيق السعادة الدخلية.. لنبدأ بالتفكير:
هل السعادة بالمال؟ والجواب لا وإن كان أحد أسبابه المهمة، فليس كل الأغنياء سعداء، وليس كل الفقراء تعساء.كما أن طريقة إنفاق المال تحدد مقدار سعادتك، فالتجارب الجديدة تحمل لنا السعادة، إذا إمتلكت المال، سافر إلى بلد جديد، تعرف على مطعم جديد... إجعل المال يبعدك عن الروتين.. كما أن الدراسات قد أثبتت أن إنفاق المال في التبرع وعلى الآخرين يزيد من السعادة، فالآخرين سيشاركونك الفرح ويمنحونك السعادة..
هل السعادة مفيدة للصحة؟ نعم، فقد أثبتت الإحصائيات والدراسات أنه كلما زادت سعادتك زادت قدرتك على مقاومة الأمراض، فالسعداء أكثر مناعة بنسبة 50% من التعساء..
هل ممارسة أي نوع من الرياضة والتمارين الرياضية والتمتع بجسم صحي تزيد السعادة؟ نعم، والدراسات الإحصائية تشير إلى أن الإلتزام على مدار 6 أشهر بممارسة رياضة المشي الصباحي تزيد السعادة بنسبة 10% إلى 20% خلال ساعات النهار..
اللعب مع الأطفال، وعناقهم، سواء اكانوا أطفالنا أم هم أطفال أصدقاء وأقارب لنا فإنه يزيد معدل السعادة بشكل ملحوظ..
التطوع يزيد من سعادتك، الشعور بالشكر والإمتنان يزيد سعادتك..
نظرتك للحياة بإيجابية، النظرة الإيجابية للحياة يؤثر بنسبة 40% على مستويات سعادتنا.. ومقدار سعادتنا سيزيد بنسبة 25% في حال إخترنا من الأصدقاء من هم سعداء، فالسعادة عدوى، وهذا ما أشارت إليه دراسات نشرت عام 2008 وجرت على مدار 20 عاماً وشملت أكثر من 4700 شخص..